أدى وصول ريكاردو غاريكا لمنتخب تشيلي لعودة الحياة للمهاجم المخضرم، الذي يبحث عن نادٍ جديد في أوروبا، حيث حصل على دور أكثر وضوحًا داخل وخارج الملعب.
عد فترة طويلة قضاها مع بيرو، قاد خلالها البلاد للعودة إلى كأس العالم FIFA بعد 36 عامًا من الغياب، وبعدما كان على وشك تكرار هذا الإنجاز بعد أربع سنوات، من الواضح أن ريكاردو غاريكا لديه خطة للنجاح في تشيلي.
المدرب الأرجنتيني، الذي يتميز بالواقعية والعفوية، وصل إلى منتخب تشيلي في يناير الماضي. وعلى الرغم من أنه قاد "لاروخا" في ثلاث مباريات فقط حتى الآن، ولكن على ما يبدو، فإنه نجح في ترك بصمته بسرعة لإعادة الفريق إلى المسار الصحيح، حيث قدم خطة لعب متماسكة وأسلوبًا واضحًا.
ينصب تركيز تشيلي الآن على بطولة كوبا أمريكا 2024، ولكن بحلول نهاية العام، سيتعين عليهم العودة إلى الاهتمام بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026؛ إذ يمتلك الفريق حاليًا خمس نقاط فقط، ويقبعون في المركز الثامن في جدول الترتيب من أصل 10 منتخبات. وفي هذا الوضع، كانت أولى خطوات غاريكا هي تحديد رجاله الأساسيين، وكان أليكسيس سانشيز أحد الأسماء الأولى التي تبادرت إلى ذهنه.
في الوقت الحالي، يبلغ سانشيز من العمر 35 عامًا، وفاز للتو بلقب الدوري الإيطالي مع إنتر ميلان، ولكنه يبحث الآن عن نادٍ جديد. قبل ذلك، حصل على دور قياد مع تشيلي، التي ستواجه بيرو وكندا والأرجنتين في كوبا أمريكا التي تستضيفها الولايات المتحدة.
بين نهائيات كأس العالم 2010 وكوبا أمريكا 2016، تمتعت كرة القدم التشيلية بفترة ناجحة للغاية، تحت قيادة مارسيلو بيلسا، وكلاوديو بورغي، وخورخي سامباولي. بداية تأهلوا إلى جنوب أفريقيا 2010، ولكنهم خرجوا من دور الـ16 على يد البرازيل، وفي البرازيل 2014، أعيدت القصة وخرجوا من نفس الدور وأمام نفس المنافس، ولكنهم في النهاية فازوا بلقب كوبا أمريكا مرتين متتاليتين في 2015 و2016. بعد الفوز على الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي في المرتين بالمباراة النهائية.
بقيادة جيل ذهبي يضم لاعبين مثل كلاوديو برافو، وغاري ميديل، وماوريسيو إيسلا، وأرتورو فيدال، ومارسيلو دياز، وسانشيز نفسه، وصل الفريق لأعلى المستويات، لدرجة أنه بنهاية فترة الذروة لهذا الجيل، تراجعت كرة القدم التشيلية بشكل واضح؛ حيث غابوا عن روسيا 2018، وقطر 2022.
وفي نوفمبر 2023، استقال المدرب الأرجنتيني إدواردو بيريزو من منصبه بعد سلسلة من النتائج السيئة. ثم جاء غاريكا واتخذ قرارًا سريعًا؛ تم استبعاد ميديل (الآن في بوكا جونيورز) وفيدال (كولو كولو) من القائمة، بينما تم الإبقاء على برافو وسانشيز، للمحافظة على الصلة بالفريق الذي توج بطلاً للقارة مرتين.
وفي الفوز الودي الأخير على باراغواي 3-0، ارتدى سانشيز شارة القيادة في الشوط الثاني بعد استبدال برافو، وهي علامة على ما يمثله لبلاده حاليًا. بمجرد بدء حقبة غاريكا، أكد المدرب الأرجنتيني على ضرورة لعب المهاجم التشيلي دورًا رئيسيًا في إنتر، على الرغم من أن مدربه على مستوى النادي، سيموني إنزاغي، يفضل ثنائية لاوتارو مارتينيز وماركوس تورام في خط الهجوم.
وقال عنه: "سأحافظ على أليكسيس، أعتقد أنه لا يزال قادرًا على تقديم عروض قوية، كما أظهر في مرسيليا. في إنتر أمسى لاعبًا مهمًا، لكنه لا يشارك كثيرًا، إنه في مرحلة يستطيع فيها أن يفعل ما يريد، وعليه أن يكون سعيدًا بالمسيرة الرائعة التي قدمها".
على أرض الملعب، لعب سانشيز في كل المراكز الهجومية خلال مسيرته. في الأيام الأولى، كان جناحًا أيسر، وينجرف إلى اليمين لتحقيق أقصى استفادة من قدرته القوية على التسديد. وضِمن فريق سامباولي الفائز بلقب كوبا أمريكا مرتين، كان له دور كمهاجم ثانٍ خلف إدواردو فارغاس، أحيانًا من العمق وأحيانًا على الجناح، أما مع خورخي فالديفيا، فكان صانع الألعاب الرئيسي، وفي مرسيليا، كان مهاجمًا كلاسيكيًا.
والآن، أظهر لاعب برشلونة السابق أنه أصبح أكثر خبرة ومركزية، وقدرة على صناعة القرار.
في المواجهات الثلاث التي خاضها غاريكا حتى الآن (الفوز 3-0 على ألبانيا، والخسارة 3-2 أمام فرنسا، والفوز المذكور أعلاه على باراغواي)، اعتمدت تشيلي خطة 4-2-3-1 مع ثنائي في المحور - إيريك بولغار لاعب فلامنغو ومارسيلينو نونيز لاعب نورويتش - ورجلان يلعبان على الجناح، ولكنهما يتراجعان عندما لا تكون الكرة بحوزة فريقهم، بوجود فيكتور دافيلا لاعب سسكا موسكو على اليمين، وواحد من الثنائي داريو أوسوريو (ميتلاند) أو دييغو فالديس (كلوب أمريكا) على اليسار.
وأمامهم مباشرة، يأتي سانشيز باحثًا عن مساحة خلف خط وسط الخصم، مع الحرية الكاملة في التراجع بحثًا عن الكرة، أو اللعب كمهاجم ثانٍ إلى جانب فارغاس.
وقال سانشيز: "أنا سعيد جدًا بالفريق، وبالقوة التي نظهرها، ومن أجل اللعب في بطولة مثل كوبا أمريكا، عليك أن تتمتع بهذه القوة".
وأضاف غاريكا موضحا الدور الجديد للأسطورة التشيلية: "كلما قام بما يجيده ويجعله مرتاحًا، كلما منح إضافة أكبر، وبكل تأكيد سيستفيد منه المنتخب بشكل كبير".
في المباراة ضد باراغواي، ظهر سانشيز كلاعب كرة قدم ناضج تمامًا، حيث يبدو أنه وصل إلى نقطة يلبي فيها احتياجات بلاده التي تمر بمرحلة إعادة البناء؛ فهو يخلق الوقت والمساحة، ويمتلك ثقة كبير في نفسه تنعكس على المجموعة بالكامل.